إذا كنت تشكين من عنف طفلك وعدوانيته، فقبل أن تبحثي عن حل لهذه المشكلة إعلمي أن العنف سلوك مكتسب.. فما هي الأسباب التي تدفع بالصغار إلي هذا السلوك المرفوض؟ وكيف نتجنبها؟.. د. محاسن علي حسن أستاذ الأمراض النفسية والعصبية بكلية طب جامعة القاهرة توضح بداية أن العنف يولد عنف.
ويتولد نتيجة ثلاث مسببات:
* أولها طريقة التربية داخل الأسرة.. فالشجار والتهديد والعقاب المستمر، والمقارنة والتمييز بين الأخوة في المعاملة والمشاعر نوع من العنف، وكذلك الإهمال وسوء المعاملة، حيث يؤدي سوء المعاملة إلي نوع من القلق والتوتر والشعور بالظلم والإحباط، كما يؤدي أيضا إلي نوع من الكره والحقد والغيرة عندما ينصر الأهل أحدهم علي الآخر، ثم ينتقل العنف المستخدم في المنزل إلي المدرسة بالتبعية، فعندما يعامل الطفل بقسوة وعنف في البيت ينعكس ذلك علي سلوكه في المدرسة بين زملائه، وقد يلجأ إلي الضرب والتأنيب والإعتداء علي من هو أصغر منه لأنه لا يستطيع أن يفرغ هذه الطاقة السلبية في أهله أو أخوته.
* أما المسبب الثاني للعنف كما توضح فهو وسائل الإعلام، ومنها الشاشة الصغيرة والتي تطلق عليها الشاشة الخطيرة وما يشاهده الأطفال من خلالها من أفلام أو برامج بها قتل ودم وعنف، ومع إستمرار التعرض لهذه المشاهد يتعود الطفل علي رؤية العنف ويتولد لديه شعور بالبلادة وقد يحاكي هذه المشاهد فيما بعد كأنها طبيعية ويصبح عدوانيا بالإكتساب، وخير دليل علي ذلك حوادث القتل المختلفة التي تشهدها المدارس وهي متكررة في الولايات المتحدة.
* المسبب الثالث: تحذر د.محاسن من وهي الألعاب الإلكترونية الحديثة مثل البلاي ستيشن والإكس بوكس والفيديو جيم وغيرها.. وهنا لابد من تدخل الأهل في إختيار هذه الألعاب لأن هناك أنواعا عنيفة جدا من هذه الألعاب مثل القتل والمصارعة وحرب الشوارع وغيرها.
وتكمن خطورة هذه الألعاب من الناحية النفسية في أن الطفل يبدأ في إدمانها فتشغله عن مذاكرته أو يتسرع لإنهائها كما يكون في حالة منافسة مستمرة مع أقرانه وينعزل عن إخوته ويصبح متوترا وعصبي المزاج ومن السهل إستثارته طول الوقت، ويؤدي هذا التنافس المستمر إلي الإحباط وقد يصل إلي العدوانية لأن هذه الألعاب مثيرة للجهاز العصبي، فهي تجعل الطفل في حالة مستمرة من إفراز مادتي الأدرينالين والنوادرينالين اللتين تحفزان الجهاز العصبي والجسم فتجعله في حالة هجوم وتحفز مستمر بسبب التنافس، وفي بعض الأحيان تظهر هذه الألعاب حالات الصرع في الأطفال الذين لديهم إستعداد لنوبات صرعية لأنها تمثل إثارة لخلايا المخ.
العلاج كما تراه د.محاسن يستلزم علاجا أسريا من حيث الأساليب التربوية الصحيحة وأسلوب المعاملة الحسن مع ضرورة الإمتناع عن العقاب والتهديد المستمر، وفهم صراعات الطفل ومساعدته علي التعبير عن مشكلاته الخاصة ومشاعره وإنفعالاته، والبعد عن الشد المستمر لأن مخه لا يستوعب كل ما تقوله الأم التي تتخيل أنه علي نفس مستواها الفكري، لذا عليها أن تنزل لمستواه خاصة أن أطفال اليوم علي درجة عالية من الذكاء وأساليب المعاملة القديمة القائمة علي القهر لم تعد تصلح معهم اليوم.
كما تؤكد ضرورة مراقبة الأهل لما يشاهده الأطفال من مواد إعلامية وما يختارونه من ألعاب حديثة، وآخر الحلول التي يمكن اللجوء إليها للتخفيف من عنف الأطفال هو إعطاء أدوية مضادة للقلق والإكتئاب أو الصرع.
الكاتب: سالي حسن.
المصدر: جريدة الأهرام المصرية.